تعود علينا هذه المناسبة السعيدة، في الخامس من أكتوبر من كل سنة، لنحتفل مع المعلمين في يومهم العالمي، فخرا بمن امتهنوا أكثر المهن رفعة، فاعتلوا بها الدرجات استحقاقا، ونالوا بها الكرامات شرفا. كيف لا وقد قيل فيهم: “قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا”.

لقد اتخذ العالم منذ عام 1994، اعترافا وتقديرا، هذا التاريخ محطة لإحياء ذكرى توقيع توصية اليونسكوومنظمة العمل الدولية سنة 1966، والتي تنص على حقوق ومسؤوليات المعلمين، ومعايير إعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق، وتوظيفهم، وظروف التعليم والتعلم، وفي هذا الشأن، دأبت الجزائر على نشر نشوة الاعتزاز بالمعلم، إعدادا وتكوينا ومرافقة، ليعلو المقام الذي يليق به، ما يحظى به فعليا في مجتمعنا.

 لقد وضعت السلطات العليا في البلاد، العناية بالمعلمين على رأس أولوياتها في عملية الإصلاح التي تشكل أحد محاور مخطط عمل الحكومة، المنبثق عن برنامج رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون. وهنا تجدر الإشادة بالقرارات الشجاعة والهامة التي اتخذها السيد الرئيس لفائدة قطاع التربية والمعلمين في عديد المناسبات من خلال:

  • إعادة النظر في القانون الأساسي الخاص، بإشراك المنظمات النقابية المعتمدة في القطاع بهدف تحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية.
  •   قرار مراجعة مرتبات المعلمين بداية من سنة 2023.

إن اهتمام السيد الرئيس بشؤون التربية، جعله يشدد بضرورة الوقوف على مسافة متساوية بين المصلحة التربوية والبيداغوجية للتلميذ والمصلحة الاجتماعية المهنية لموظفي القطاع، من خلال تطوير ظروف عمل الأساتذة وتحسين رواتبهم، تعزيزا لمكانتهم في المجتمع والارتقاء بمستوى مهاراتهم تربويا وتقنيا، لتمكينهم من مواكبة التغيرات المتتالية في مجالات العلوم التربوية والمعلوماتية والتعليم الرقمي. وفي هذا الإطار جاءت قرارات الرفع من القدرة الشرائية للمواطن.

وتدعيمها بإقرار جملة من الزيادات بهدف ضمان دخل لائق عبر مراجعة الحد الأدنى للأجر المضمون والإعفاء الضريبي التام للمداخيل المنخفضة، بالإضافة إلى القرار الذي أعلن عنه خلال) إشرافه، بقصر الأمم (نادي الصنوبر)، على افتتاح أشغال اجتماع الحكومة الولاة و يوم 24 سبتمبر 2022، بخصوص بمراجعة مرتبات المعلمين مطلع العام المقبل.

 إن الاهتمام والعناية بالمعلم، لا يتوقف فقط بما تم ذكره، بل يتعداه إلى جوانب أخرى تعنى بالحياة المهنية. وفي هذا الخصوص، إضافة إلى كسب تحدي توفير العدد الكافي من الأساتذة التأطير التلاميذ، عملنا جاهدين باستمرار على تحسين مهنة التدريس، وظروف عمل الأساتذة وتوفير بيئة مدرسية آمنة ومحفزة، إذ حرصنا على توفير الموارد البيداغوجية اللازمة من دعائم ونماذج مذكرات وأدلة، دون إهمال جانب التكوين البيداغوجي بأنواعه، المسبق، التحضيري وأثناء الخدمة تكملة لتكوينهم الأكاديمي سواء في المدارس العليا للأساتذة أو في مختلف الجامعات. كل ذلك تسهيلا لعملهم وتحقيقا للأهداف المنشودة.

وإتاحة الآفاق التطور الوظيفي والترقية،خصصنا ستة وثلاثين ألف (36000) منصبا ماليا، بعنوان 2022، للترقية إلى رتبتي أستاذ رئيسي وأستاذ مكون للمراحل التعليمية الثلاث، ما سينعكس إيجابا على الحياة المهنية والمادية للأساتذة.

إننا نعمل مع كافة شركائنا الاجتماعيين لمعالجة الانشغالات المطروحة في إطار الأحكام التشريعية والتنظيمية سارية المفعول، وقد تجسدت هذه الشراكة أكثر في دراسة وإثراء مشروع القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالتربية الوطنية، بتنظيم سلسلة من الجلسات مع مختلف النقابات المعتمدة في القطاع في إطار الاحترام والتوافق، مع العلم أنه تم تمديدها في الفترة الأخيرة لتعميق التفكير حول المشروع وإعطائه كافة فرص النجاح.

 إن المعلم مؤتمن على مستقبل أجيال اليوم والغد، فنال بذلك مكانة مركزية في خطط المنظومة التربوية وبرامجها وأنشطتها، ولما كان موضوع الاحتفاء باليوم العالمي للمعلمين هذه السنة “التحول في التربية يبدأ من المعلمين” من خلال التأكيد على التحديات المطروحة للارتقاء بالممارسات المهنية للمعلمين بهدف تعزيز مهنة التدريس وتطويرها، مع تشجيع الممارسات التعليمية المبتكرة في مختلف المراحل التعليمية. وفيما يخصنا، أطلقنا عدة مشاريع وبرامج إصلاح تضمنها مخطط عمل الحكومة، منها ما تجد في هذا الدخول المدرسي، الأمر الذي من شأنه أن يكرس هذا المبتغى النبيل، وفق مرجعيتنا الوطنية.

وقبل ذلك، لا يفوتني أن أذكر بتلك المثل العليا التي أثبتها المعلم الجزائري، خلال جائحة كورونا(كوفيد-19)، فكان المثل والقدوة بالبينة والدليل، لاسيما في إصراره واستماتته في قيامه، رغم صعوبة المرحلة وتداعياتها، بهذا الدور المسؤول والواعي بكل شجاعة واقتدار.

 وفي ظل انفراج الوضع الصحي والعودة إلى العمل بالتنظيم العادي للتمدرس والخروج من النظام الاستثنائي الذي دام سنتين ميز هذا الدخول عديد المستجدات التي ستساهم لا محالة في الارتقاء بمنظومتنا التربوية وتحسين أدائها، وأذكر منها:

  • تنصيب مادة اللغة الإنجليزية في السنة الثالثة من مرحلة التعليم الابتدائي، وتوظيف ما يزيد عن خمسة آلاف أستاذ عن طريق التعاقد لتأطيرها.
  • استحداث شعبة الفنون بخياراتها الأربع في النظام التربوي الجزائري، وفتح ثانوية وطنية لها.
  • تجسيد إجراءات غير مسبوقة للتخفيف من وزن المحفظة في مرحلة التعليم الابتدائي، باعتماد النسخة الثانية من الكتاب المدرسي وتوفير أدراج وخزانات لحفظها، الكتاب الرقمي وتجهيز 1629 مدرسة بالألواح الإلكترونية، على أن تعمم على باقي المؤسسات التعليمية تدريجيا.

إن تكريمنا للمعلمين، أكثر من واجب، كيف لا وهم يكرسون أيامهم لتربية أطفالنا، ويسعون إلى صقل عقولهم ليجعلوا منهم مواطنين مسؤولين، وإننا ندين جميعا بنجاحنا لأولئك الرجال والنساء الذين علمونا القراءة والكتابة، وعلمونا حسن التصرف، وآداب التعامل وغرسوا فينا القيم الوطنية الأصيلة. فكل الشكر والتقدير والعرفان لكل معلم مخلص أمین کرس كل وقته لمهنته وتعليم أبناء وطنه، العلم النافع والمعرفة الجامعة ليزيل عنهم سدف الجهل ويبصرهم بنور العلم. إن طموحنا إلى الرقي بالمدرسة الجزائرية وتلبية تطلعات شعبنا مشروع، وعزيمتنا في الوصول إلى مدرسة الجودة صلبة لا تفل، وثقتنا في أساتذتنا غير متناهية. فتحية مني إليكم زملائي المعلمين في يومكم العالمي هذا، ودمتم حملة لرسالة العلم وقوة دفع لتطور البلاد، كما لا يفوتني أن أترحم على من فقدناهم من زملائنا، سائلا المولى عز وجل أن يجازيهم عما بذلوه في القطاع جنة ورضوانا.

عاشت الجزائر فخورة بأبنائها، ماضية على درب التطور والازدهار

عيدكم سعيد، وكل عام وأنتم بألف خير

يوم 05 اكتوبر 2022

رسالة وزير التربية بمناسبة اليوم العالمي للمعلم 2022
رسالة وزير التربية بمناسبة اليوم العالمي للمعلم 2022